كانت الشمس واقفة في كبد السماء تنظر إلى ما يحدث في ذلك المكان المغبر الكئيب. وكان المكان عقبة صغيرة، وفي الأسفل جنود كثر، والزمن هو الآخر قد أبطأ دورته ليشاهد ما ستصير إليه الأمور..
وقف رئيس الجند جادا في الوسط، وأمر كتيبته لتستقيم في الصف كما تقف بنات آوى في الصحراء، بعد ما حاصرت بنادقها الرشاشة حُمُرا وقد جردتها من براذعها. وعندما أحست الحُمُر بالخيانة، وأن هذه الكتيبة تُبيّت فعلا شيطانيا، تحركت غريزتها للهرب، لكن حصار الجند كان جزيرة يحضنها الماء من كل الجهات.. كان أكبر منها فأوقفها في مربع صغير، وبدأت البنادق الرشاشة تطلق النار عليها، وكأنها تطلقها على زجاجات فارغة.
كانت الحمر تسقط.. وتحاول النهوض، لكن الرصاص يسقطها مرة أخرى.. كان المنظر مقززا كالنياشين الصفراء التي كانت تزين صدور تلك الكتيبة.
سأل أحد الأخوة في ألم:
بأي ذنب قتلت تلك الحُمُر؟؟
ورد عليه أحد الرفاق:
ـ مَنْ الحيوان في نظرك، أهؤلاء القتلة أم هؤلاء المقتولون؟؟